الخميس، 16 أبريل 2009

لماذا الفداء .. هل هناك ضرورة ؟












تدور أسئلة كثيرة ومحيرة فى أذهان الغير مؤمنين وحتى فى أذهان بعض المسيحيين ... حول ضرورة وأهمية الخلاص والفداء .. إو بمعنى آخر هل هناك ما يسمى بحتمية الفداء لخلاص .. ؟
ونعرض لأبرز هذه الأسئلة فى إيجاز ونحاول أن نتفهم الإجابة فى ضوء العقل والمنطق مع لمحة من الكتاب المقدس .

يقول البعض ...
لماذا يحتاج الإنسان إلى الفداء أصلاً ؟!
فإن الأمر لا يعدو أن كل إنسان يخطئ وهو من يتحمل خطأه وإن التوبة كافية وكان الله غفور رحيم ..
_ نقول أن أبانا آدم أخطأ وأمنا حواء أخطأت ولم يقدما توبة ولم يسددا الدين ونحن ورثنا عنهم الخطية .
وما ذنب الأبرياء فى تحمل خطأ إقترفه شخصان منذ القديم فهل الله ظالم .. ؟
_ نقول حاشا وكلا .. الله عادل وعدالته مطلقة .. وهو رحيم ورحمته مطلقة ..
إذا إتبعنا خيوط الموضوع من اللحظة الأولى وهي السقوط ... سنرى ماذا حدث وما ترتب عليه من نتائج أوجبت الخلاص والفداء ....
_ آدم وحواء كسرا وصية الله و إقترفا ذنب المعصية .... فكانت جريمة وهي موجهة لشخص الله جل إسمه فمن الذي يمكن أن يرتقي لمرتبة الله أو يكافئ منزلته حتى يحل محل آدم وحواء ويقدم مغفرة تليق بمجد وكرامة الله .... النتيجة ... لا يوجد أحد قادر ..
فآدم لم يقدم توبة لله فضلاً عن أن توبته هذه ليست كافية لأن الحكم الصادر

بالعقوبة فى سفر التكوين يقول ..:

(( 16 وأوصى الرب الاله آدم قائلا من جميع شجر الجنة تأكل اكلا. 17 واما شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها.لانك يوم تأكل منها موتا تموت. ))
وعند سقوط آدم وحواء كان كل منهما يلقى باللائمة على الأخر .... آدم يقول :
(( 12 فقال آدم المرأة التي جعلتها معي هي اعطتني من الشجرة فأكلت. )) .. !
وحواء قالت :

(( فقالت المرأة الحيّة غرّتني فاكلت. )) .. !
إذن كل منهما لم يقدما ثمة توبة رغم عدم كفايتها ... فالحكم صارم وهو الموت ..
النتيجة .. لم يقدم أحد توبة .. !
_ كيف نرث الخطية .. ؟!
عندما أخطأ آدم كنا فى جميعاً فى دمه هو وحواء .
كنا وارثين لكل ما فيهم من صفات وراثية ..
و بالخطية وسقوط الإنسان وطرده من الجنة التي في عدن سقطت أيضاً طبيعة الإنسان الأولى الطاهرة وأصبحت دماء أبوينا الأولين ملوثة بالخطية التي غيرت طبيعتنا البشرية من الصلاح للفساد .. فورثنا ذلك لأننا ولدنا بعد السقوط ومن طبيعة بشرية ساقطة ملوثة ..
أيضاً كان الدين مستحيل الوفاء .. فمن الذي يضاهي المخطئ إليه وهو الله حتى يقدم ثمناً عوضاً عن البشرية كلها ... ؟!


وحتى فى حياتنا الطبيعية اليومية نرى ذلك ...
فالقاعدة فى الحياة وحتى فى القانون الوضعي .. أنه لا تركة إلا بعدد سداد الديون .. !

فإن أردنا أن نرجع لميراث أبوينا الأولين .. آدم وحواء .. لابد من سداد دين التركة حتى نرث ... فمن يدفع الدين .. ؟!

والملاحظ حتى أنه فى حياتنا العادية مقولة أو مثل يقول :

( أن الحسنة تخص والسيئة تعم) ... فلماذا التعميم ... ؟!


والقاعدة فى الحياة والقانون : ... أن الهدية على قدر المهدى إليه .. وأن الجرم يتعاظم كلما كان المخطئ إليه عظيماً ويتدرج فى هَرم العظمة حسب مكانة المخطئ إليه ..

الحكم فى قضية سب مثلاً .. هل يتساوى عقاب من سب أو شتم شخص عادي كمن شتم وزير .. ؟ وهل يتساوى من شتم وزير فى عقابه مع من شتم او سب ملك أو إمبراطور .. ؟!

فآدم وحواء أجرما في حق الله .... .. ومن الذي يساوى الله الذي أرتكب فى حقه الجُرم ..
النتيجة ... لا يوجد أحد ... !

_ لو فرضنا جدلاً صحة هذا الكلام أليس الله قادر علي كل شئ .. ؟!
لماذا لا يسامحهما و إنتهى الموضوع ولا حاجة لوراثة الخطية .. ؟!

_ نقول أن الله كامل فى كل شئ ...

فهو مطلق العدل .. مطلق الرحمة ..

الله رحيم وعادل .... فالمعضلة تكمن فى أن كيف تتلاقى الرحمة والعدل .. ؟

إن سامح الله آدم وحواء .. أين العدل فهؤلاء أخطأوا وأين عقابهم وأين هيبة الله ومصير العقاب والحكم الصادر .. موتاً تموت .. الله لا يتراجع عن كلمته ... لأن السماء والأرض تزولان وحرف على كلمة من كلامه لا يزول .....

_ أين ماقدمه آدم وحواء في مقابل الجرم .. ؟!

_ فى نفس الوقت نظر الله بعين الرحمة والحنان والشفقة على الإنسان والمصير الرهيب الذي ينتظره في الأبدية ..

النتيجة ... لابد من تطبيق العقاب مع فتح باب الرحمة ...

_ ويأتي سؤال .. حتى لو فرضنا صحة كلامكم ... جدلاً لا نقره ف من هذا الشخص الذي يستطيع أن يتحمل ذنوب كل البشر .. ألا يمكن أن يكون نبي أو ملاك مثلاً ... لماذا المسيح تحديداً ؟!

_ نقول .. :

_ النبي أياً كانت عظمته هو بالنهاية إنسان .. وهو يرزح ويحمل نفس الميراث والنير المورث من أبوينا الأولين آدم وحواء ... فهو أيضاً مذنب ... ولا يستطيع أن يفدي نفسه ... ! فكيف له أن يفدي البشرية .... مستحيل ...!!!!

_ الملاك ... له طبيعة ملائكية .. وحتى يتم الخلاص لابد من أن يقع العقاب على نفس مادة وعين الجرم .... فالقاعدة أن الجزاء من جنس العمل .. وما ذنب الملاك ؟!

الذى أخطأ إنسان ... والذى عليه أن يدفع الثمن أيضاً لابد أن يكون إنسان ..

ثم أن الملاك لا ذنب له حتى يحمل وزر ما لم يخطئ له ..

والملاك محدود ... ولا يمكنه أن يحمل كل ذنوب البشرية ..

والملاك ليس له جسد ولا يمكنه سفك الدم لأنه بدون سفك دم لا تحصل مغفرة

فالله غير محدود والذي يدفع الثمن لابد أن يتساوى والله الغير محدود ..

إذن ما الحل .. ؟!

_ الحل كان التجسد ومن اجل عظيم حبه قام الله بعملية الفداء بأن ظهر في الهيئة كإنسان ظهر فى الجسد

اللاهوت ( جوهر الله ) إتحد بالناسوت ( الجسد البشري ) ...

إتحاد لا يقبل التفرقة ولو لحظة واحدة أو طرفة عين ... وجاء إلينا المسيح الذي هو صورة الله الغير منظور ... بهاء مجده ورسم جوهره ..
(( الذي و هو بهاء مجده ورسم جوهره وحامل كل الاشياء بكلمة قدرته بعدما صنع بنفسه تطهيرا لخطايانا جلس في يمين العظمة في الاعالي ))
عب 1: 3

_ كان سفك الدم .. يساوى الموت .. لذا كان رمز الفداء منذ القديم تقديم ذبائح حيوانية لتكفر عن خطايا الشعب بشكل دورى ولم تكن كافية لكنها رمزاً ....

كان أول ما صنع الله لآدم وحواء بعد السقوط مباشرة ..

هو أن ألبسهما أقمصة من جلد ( الحيوان ) إي تم سفك دم لستر عورة الإنسان التي إنكشفت بالخطية ...
(( وصنع الرب الإله لآدم وإمرأته اقمصة من جلد والبسهما ))
تك 3: 21

_ لو كان الله سامح آدم وحواء دون فداء وسفك دم ... لكان قد تم إرجاعهما إلى الجنة التي طردا منها .. !

ولماذا يطلب الله من الإنسان تقديم ذبائح ووضع اليد عليها لتنتقل الخطية على الحيوان المقدم ويحرق بعد الذبح .. !

ولماذا إذن أبقى الله بعض ما ترتب من نتائج الخطية على الأرض .. مثل موت الإنسان على الأرض ... أن الإنسان يعمل ويتعب حتى يعيش ... على عكس صورة الجنة والسعادة اتى أرادها الله للإنسان والتى فقدها الإنسان على الأرض بالخطية وسوف تعود له فى الأبدية بدم المسيح الكفاري عن البشرية كلها .....

_ فالمسيح له المجد قام نيابة عن كل البشرية بدفع الدين الأبوي والموروث عن أبوينا الأولين على عود الصليب ... فهو كإنسان لم يخطئ كان أبر الأبرار وقدم أمام العدل الإلهي الصورة التى أرادها الله للإنسان البر والطهارة والكمال ...

فهو أناب عن البشرية كلها أمام ذاته الإلهية المتحدة فيه بناسوته ..

_ ويأتي إعتراض آخر يقول :

إن الله حي لا يموت .. فكيف مات المسيح إن كان هو الله كما تقولون .... ؟!

نقول ...
_ نعم المسيح هو الله ... والله حي لا يموت ...

الذى مات على الصليب هو الناسوت البشري للسيد المسيح ( الجسد ) أما اللاهوت الذى هو جوهر الله لايموت ....

الذي تألم على الصليب كان الناسوت ... أما اللاهوت لم يتألم ولم يتدخل حتى يمنع الألم عن الناسوت ... فالمسيح له المجد قَبل الألم طوعاً وحباً ولم يتدخل بقوة لاهوته حتى يمنع الألم عن نفسه ..

الموت حدث بإنفصال الجسد الإنساني عن النفس الإنسانية وكان كلا الإثنين ..

( الجسد البشري والروح البشرية ) فى إتحاد كامل مع اللاهوت ....

فاللاهوت ممسك بكليهما منفردين أو منفصلين بإتحاد كامل لا يقبل التفرقة

لذلك كان الجسد ميت على الصليب ... لكن اللاهوت حي فى داخله ومتحداً به وبروحه الإنسانية أيضاً .. وقد كان المسيح يدبر الكون كله حتى فى هذه اللحظات فالله لايحده مكان أو زمان .

لذلك صرخ نيقوديموس .... قدوس الله قدوس القوي قدوس الحي الذي لا يموت

_ عظيم هو الله في محبته .. وفدائه .. وأبوته العجيبة وقلبه المتسع بلا حدود .

نسجد لك أيها المخلص فادي كل نفس وماحي ذنوبنا بمدك الطاهر الزكي المسفوك فداء عن كل العالم .... فمن آمن وإعتمد خلص ....

نسجد أمام صليبك المحيي ...

ونشكرك على كل لحظة ألم وكل سوط وكل إهانة وكل وصمة عار تحملتها من أجل خلاصنا ..

شيرين شوقي

16/4/2009





ليست هناك تعليقات: