الاثنين، 1 ديسمبر 2008

إحتقان .. أم مزايدة .. !!


إحتقان أم مزايدة .. ؟!!

باقلام قرائنا - المحامى / شيرين شوقى :

الواقع المر الذى يسود مصر الأن وسحابة الطائفية السوداء التى لم تبت سحابة بل تحولت إلى أساس للمواطنة الحديثة هذه الأيام .. !!ولطالما تردد على آذاننا وسائل الإعلام المرئية والمسموعة هذه الأيام كلمة لتصف بها الواقع الطائفي الذى تغرق به مصر بمصطلح (( إحتقان طائفي )) ..ولكن هل هذا الوصف ينطبق فعلياً على الحالة الراهنة العصيبة التى تزايدت وتيرتها بشكل يمثل منعطف خطير جد الخطورة على مستقبل ومصير الأمة المصرية ..
هذا المصطلح فى رأي الشخصى أنه مجرد تخفيف لحقيقة متفجرة لتظهر بشكل أنه مجرد إلتهاب حرارى خفيف وسرعان ما سيزول .. ولكن الواقع ليس كذلك بل على النقيض .. فإذا ما أردنا وصفاً أدق للحالة بين المصريين حالياً هى أشبه ما يكون بحالة مرض عضال شديد الخطورة لا يجدى معه العلاج الكيماوي لكن الحل الأوحد هو الحل الجراحى أى إستئصال الورم الخبيث من جذوره لا بضوع مساحيق تجميل مكشوفة مزيفة وبعض الإسكتشات الكوميدية الهزلية المغرقة فى دموع الحزن والحسرة على وطن على وشك الضياع والإصرار على التعامي عن حقيقة الكارثة المحدقة بمصر ...
وصف الحالة الطائفية المزمنة فى مصر بالإحتقان ليذكرنى بمصطلح ((النكسة)) ..هذا المصطلح الذى إطلقه البوق الإعلامى للتخفيف من حجم كارثة الهزيمة المريرة التى تجرعتها مصر فى عام 1967 وللأسف مازلنا نستخدم نفس الطريقة وندفن الرؤوس فى الرمال !!
ولابد من الصمت للحفاظ على صورة مصر فى الخارج و سياسة عدم نشر الغسيل القذر أمام الغرباء وهاجس المؤامرة والعدو المتربص بالخارج إلى أخر ما يختزنه الفكر العربي من أوهام عجيبة والمحصلة النهائية التى تطل بها الأجهزة الرسمية أنه كل شئ تمام التمام ولا يوجد شئ يعكر صفو الوطن .. ويأتى بشيخ وقسيس وقبلات إعلامية وكلمة من شيخ الأزهر وإستنكار للفتنة النائمة ولعن الله من أوقظها ..
وكلمة من قداسة البابا شنودة والعلاقة بين المصريين سمن على عسل ومصر بخير ولا توجد أزمة ولا شئ من هذا القبيل ويزفنا الطرفين بوابل منهمر من الخطب الرنانة عن الوطنية ودروس فى الخيانة للوطن وأن اللجوء للمؤسسات الدولية سيحول مصر للخراب ..( وكان هذا هو الذى سيحل المشكلة ويخدم مصر حقاً .. !! ) ..
وقطعاً لا يخلوا الخطاب الإعلامى هنا من لغة تهديد مبطنة للأقباط مفادها إن من سيتجرأ على عرض الكارثة المتفجرة فى مصرعلى المجتمع الدولى سيحدث له ما لايحمد عقباه .. وتمتلئ الصحف والبرامج بمثل هذه الوتيرة المبطنة .. والعجيب فى الأمر هو لماذا لجأت مصر للمنظمات الدولية لتسترد أرضنا المحتلة سيناء .. أهل هذا كان خيانة .. ؟!
منذ متى كان عرض الملفات الشائكة المزمنة على منظمات دولية خيانة .. ؟!
بالقطع أنا شخصياً أتمني أن أجد الحل على المائدة المصرية ..
ولكن أين الحلول المصرية لمشاكل الأقباط خمسون سنة ولا حل ولا عقاب لمجرم
و لماذا تصر الدولة على عدم بناء الكنائس مثلاً .. لماذا لم يتم إعدام أى قاتل مجرم لقبطي برئ مجنى عليه كما فى الجرائم الجنائية العادية التى تقع مع سبق الإصرار والترصد .. !!
إذن ماذا يحدث فى مصر بالتحديد ؟..
سؤال يطرح نفسه بقوة على صعيد الوضع الحالى ما وصف الحالة المتشنجة التى تسود عنصرى الأمة فى مصر ..
أولاً : لابد من الإعتراف بأن روح التعصب بدات تسرى فى وجدان السواد الأعظم من المصريين نتيجة تغلغل الفكر الإخوانى فى مصر وذلك يمثل تراجع ملحوظ لشمس السلطة من ناحية وتراخيها فى بسط سيادة القانون وزرع تاثيرها الإيجابي فى نشر روح المواطنة والتسامح بين المواطنين المصريين من ناحية أخرىوقد ترسَخ فعلياً وبعيداً
عن الشعارات الخيالية فى ذهن الكثيرين من المسلمين المصريين أن المواطن القبطي ليس على قدم المساواة معهم وذلك نتيجة لعدم يسط سلطة القانون فى كل الحوادث التى تقع ضد الأقباط والتى تنتهى طبعاً بجلسات صلح وأهدار دم من أهدر وخربت بيوت من خربواوهتكت أعراض من هتكت وخطفت بنات الأقباط ولا يوجد مجرم واحد قد عوقب
ولا ضحية تم تعويضه .. !!
فى مغازلة لمشاعر المواطنين المسلمين الدينية على حساب الأبرياء !ناهيك عن عدم المساواة فى الوظائف العامة وجو الإفراز والعزل الطائفى الرسمي وتمييز الحكومة بين المواطنين المسلمين والمسيحين إلى غير ذلك من ممارسات .. ويوجد قطاعات رسمية كاملة تخلوا من وجود المواطنين الأقباط وكأنهم غير مصريين .. ومثال على ذلك : ..المخابرات العامة .. والحرس الجمهوري .. أمن الدولة .. رؤساء الجامعات .. رؤساء المدن .. رؤساء المحاكم العليا .. إلخ ونسب ضئيلة جداً فى قطاعات أخرى مثل : الشرطة .. النيابة .. القضاء .. المحافظين ( واحد فقط ) .. السفراء .. المناصب السيادية .. مثل وزارة الداخلية والخارجية والإعلام الدفاع .. ألخ مما رسخ فى الأذهان أن المواطنين المسلمين فقط هم من لهم هذا الإمتياز دون غيرهم من باقى الشعب المصري ..
ثانياً : إن أردنا وصفاً أقرب للدقة لهذا الجو الطائفي الملتهب والمتزايد فى وتيرة خطيرة وصلت لأبعاد لم تصل لها من قبل ومنذ تاريخ طويل .. فقد وصل الأمر إلى الهجوم على الرهبان المسالمين العزل وتعذيبهم وإضطهادهم ..وجرفت كنائس بالبلدوزر ومن الذى قام يهذا مستشار ووكلاء نيابة .. !! ولا أدرى لو كان من أقدم على هذه الجريمة قبطي ؟!!ماذا كان سيحدث فى مصر ؟!وهجوم جماعي غوغائي على قري بأكملها وقتل أقباط مصريين آمنين لا ذنب لهم ..
وخطف بنات الأقباط وإجبارهن على الأسلمة القسرية .. ضرب المحامين الأقباط أمام القضاء وإهدار دمهم دون أن يحرك للقضاة ساكناً !! صدور أحكام قضائية مجحفة ومتحيزة ضد الأقباط .. !!قيام الأجهزة الرسمية بتعقب وإعتقال من يعتنق المسيحية .. !! حقا ً كارثة حلت بمصر والطامة الكبرى هو قيام الدولة بتعطيل القانون المصري وقيامها بمباشرة مجالس صلح عرفية عادت بمصر دولة القانون والمؤسسات إلى خيم الصحراء وثاقفة البدو و الجهل ..والنتيجة ولم ولن يعاقب أحد .. !!
إذن المسلك الرسمى هذا فى حقيقته هو مزايدة على الإخوان المسلمين ومنافستهم
لكسب التعاطف فى الشارع الإسلامى المصري نتيجة لإكتساح التأثير الإخواني
المتنامي من الناحية الفكرية والوجدانية .. للشباب المحطم من الظروف الطاحنة
التى تعيشها مصر منذ فترة طويلة وتزاد وتيرة التطرف ونعرة التعصب بتزايد الفقر والبطالة مما يؤدي إلى إكتساب التيار الإسلامى أرضاً جديدة واسعة لتأليب الرأى العام على النظام الحاكم ليحل التيار محله وهو الهدف الأسمى لهم .. وعِوض أن تحارب الدولة هذا المخطط المدمر لمصر تمارس هى بعينها نفس ما يمارسه الإسلاميون بل وتزايد الحكومة على التيارات الإسلامية بعزلها وتهميشها للأقباط المصريين والضحية هى مصر بالنهاية ..
على كل مصري أن يعي أن لا أحد سينجوا إن إشتعل البركان الجميع سيحترق الأخضر واليابس ..
يا سادة لا يظن أحد أنه فى مأمن من الجحيم القادم ما لم نبادر جميعاً برأب الصدع
وإنقاذ مصر وطننا الغالي علينا جميعاً .
مقالة نشرت على موقع حقوق الأقباط
فى يوم :
Monday, 27 October 2008
_______

ليست هناك تعليقات: