الاثنين، 15 ديسمبر 2008

لغة الحذاء .. وأزمة الفكر العربي



المكان .. العراق .. بغداد
المناسبة .. مؤتمر صحفي يحضره الرئيس بوش
التاريخ .. 14/12/2008
الحدث .. قنبلة الحذاء التاريخية ..... !
غزوة عظيمة قادها البطل
:


( منتصر الزيدي ) .. !


الذى أصبح رأس الكرامة العربية ودخل التاريخ بحذائه .. !
عفواً لا يمكنني التحدث أكثر من ذلك فى وصف المعركة الكبرى ..
لكن دعونا نطالع هذا الصحفي الذي تحول إلى بطل وما كشفه التأييد الجارف له من الشارع العربي وما رأيناه بجلاء كاف من أزمة الفكر العربي التى وصلت إلى ....


لغة الحذاء .. !
لا حديث الأن سواء فى الفضائيات الإخبارية وغير الإخبارية والصحف .. سوى عن تمجيد هذا البطل .. !!
فى الحقيقة لكم صدمت جداً لما حدث فأنا كمواطن مصري .. وليس عربي ..


يعيش فى منطقة الشرق الأوسط العربية بالطبع أعلم يقيناً أننا نواجه أزمة فى الفكر العربي بشكل عام ومنها الميل للعنف ولفظ الآخر والقبلية والديكتاتورية سواء فى الحياة السياسية أم الحياة الإجتماعية ..
لكن لم أتخيل أننا سنصل لهذا الحضيض المخزى .. لم أتخيل أننا وصلنا إلى ثقافة الحذاء .. الجوتي ( كما ينطقها أهل الخليج ويعنون بها الحذاء ) ..
وممن يصدر هذا التصرف .. ؟ من صحفي .. !!!


يا للعجب .. لو صدر من شخص جاهل لكان هناك بعض التعنيف له ولكن بجانبه مبرر ما .. أما ويصدر من صحفي .. !!
المفترض فيه أنه هو من يتقن لغة الحوار مع الآخر .. مع الساسة والسياسة .. مع كل مشكلات المجتمع .. المفترض فيه أنه ضمير المجتمع .. والمُناظر والمتحدث والمحلل .. السلطة الرابعة ..
كل هذا سقط مع أول رمية لحذاء منتصر الزيدي .. !!
كشف هذا التصرف مدى عمق التخلف الذى وصل له الفكر العربي وفقدان آليات الحوار .. وإلإفتقار لكل مناهج العلم والديموقراطية ومدي ضيق الأفق لدى المواطن العربي العادي .. أو حتى لدى مواطني الصفوة كما يطلق على المثقفون ..

نعود للتهليل العجيب من الصحف والفضائيات .. !
عناوين غريبة وعجيبة ومحزنة ..
منها .. :
- تأييد شعبي واسع في الشارع العربي لمنتصر .. !!
- تصريح على لسان منتصر .. الهجوم على بوش بالحذاء سيدخلني التاريخ .. !!
عجيب .. صحفي مثقف يتفاخر بدخوله التاريخ بالحذاء .. !!!!
- الصحف الأمريكية تصف رحلة الخزي فى دراما الحذاء .. !!
- اما قناة (البغدادية ) تقول .. طبعاً شاجبة ومستنكرة .. لا للسلوك المشين من مراسلها لكن .. من القبض عليه .. والأعجب التذرع بالديموقراطية .. فلنقرأ :
( مجلس إدارة القناة يطالب السلطات العراقية بالإفراج الفوري عن منتسبها الزيدي تماشيا مع الديمقراطية وحرية التعبير التي وعد العهد الجديد والسلطات الامريكية العراقيين بها" ) .. !!!!!!!!!!!!!!
حلوة حقاً .. تمشياً مع الديموقراطية وحرية التعبير .. أسلوب جديد للديموقراطية بالحذاء والشتيمة .. !!
- الكوميديا السوداء لم تنتهي .. فنرى خبراً آخر .. مع صورة رائعة تعبر أصدق تعبير على الغيبوبة التي دخلها العقل والوعي العربي إلى ما لانهاية .. !
هناك متظاهرون من مدينة الصدر كانوا طبعا ً يهتفون بحياة البطل المغوار
ويحمل هؤلاء المتظاهرون لافتات تقول :
( نطالب بإطلاق سراح منتصر الزبيدي عملاً بمبدأ الديموقراطية ) !!!!!
- يقول أحد زملاء البطل .. أنه وطني متشدد !... وقد كان يخطط منذ شهور لفعلته هذه ... ويستطرد ( إن "الأمر متوقع من منتظر ( منتصر ) ؛ إذ إنه وطني متشدد جدًّا فيما يتعلق بالعراق ... )


هل يمكننا القول بأن هذه الغزوة الكبري إنطلاقة جديدة لما يسمى بوطنية الأحذية ! .. ونتسائل هل بضرب الحذاء والشتيمة .. قام سيادته بتحرير العراق ...
وطرد الجيش المحتل ... ؟!! ..


ونكمل مع سيل الأخبار .. :




- دعا نقيب المحامين الأردنيين صالح العرموطي إلى تشكيل هيئة دولية للدفاع عن "الصحفي البطل منتظر الزيدي". !
لا يوجد نص يعتبر إلقاء الحذاء في وجه زعيم ما جريمة وبالتالي لا عقوبة إلا بنص، وبوش نفسه اعتبر أن إلقاء الحذاء في وجهه تعبير عن حرية الرأي .. !!!!!!!!!
- سعودى يعرض 10 مليون دولار لشراء حذاء البطولة العربي .. !!
هل فكر هذا السعودي في أن يهب لا 10 مليون دولار .. بل فقط مليون منهم لمساعدة الفقراء مثلاً .. أو دعم مستشفى أطفال مجانية .... أو محاربة الجهل وبناء ولو مدرسة .. بدلاً من هذه الصحوة العنترية لشراء حذاء بهذا المبلغ الباهظ جداً .. !!!!


ولا تنتهي الأخبار ... :
- عائلة الزيدي فخورة به .... !
- مواطنون مصريون طالبوا الدول العربية بالبحث عن حذاء الزيدي ووضعه في متحف لأنه برأيهم من أعز ما يملكه العرب الآن !!
من الذي يجب وضعه في المتحف الحذاء أم الثقافة التي إمتلاءت بها هذه العقول المغيبة وراء عنتريات وشعارات كلامية لن تغير ولن تفيد شيء ..
- هذا غير المباركات الهاتفية للمواطنين العرب فى كل أنحاء الوطن العربي بهذا النصر والماسيجات والنكات وإلى غير ذلك ..
إختفى صوت العقل الذي يفهم معنى الديموقراطية الحقيقية .. ولكن إحقاقاً للحق في وسط هذه المهازل وجدنا بعض الأقلام المثقفة والواعية والحاضرة فى قلب الأحداث بدراسات وتحليللات منطقية ..





أذكر من هذه الأصوات د / على الخشبيان .. على موقع العربية نت .. فى 15/12/2008 ...
ودعوني أقتبس منه هذه الكلمات ..
( لقد كان الرئيس الأمريكي وبكل أخطاؤه السابقة حاكما ديمقراطيا حقيقي فلم يتم تقطيع الصحفي في الحال إلى إرب كما كان متوقعا لو حدث هذا المشهد في مؤتمر صحفي عربي ولو كان المتحدث مدير عام . )
(إذا كانت الديمقراطية الأمريكية منحت الإنسان حق التصويت لمن يريد من الرؤساء ، فقد منحتنا حق الرجم بالأحذية ) ..
( الحذاء صوت أرجل وليس صوت عقل وأيدي وحوار، لذلك لم ندع الفرصة تفوتنا للتعبير عن ديمقراطيتنا من النوع الثقيل الذي ينحدر بنا إلى استخدام تلك الأدوات. كم هم أولئك الذين سوف يشبهون ذلك الصحفي بألسنتهم عندما يمتدحون الموقف ليس لجماله ولكن لأنه يعبر عن نفس الثقافة والشعور الذي أصاب ذلك الصحفي ) ...
( ليس من أخلاقنا نحن العرب هذا التصرف مهما كان ديمقراطيا فلدينا ألسن نتحدث بها ولغة بها سحر البيان فلماذا نلجأ إلى هذه الأساليب الغير منطقية ).



ثم يختتم مقالته الرائعة المتزنة الهادئة بقوله المتحسر حزناً وألماً فى أحرفه .. :
(إن ما أخشاه أن تدخل ثقافة الأحذية الى مصطلحاتنا السياسية فنترك الآخرين يحصلون على ما يريدون سياسيا، بينما نمنحهم فرقعة الأحذية التي رأيناها )


إن كل كلمة فى هذه المقالة تصف على أرض العقل والمنطق الغائب عن هذه الأحداث المكون الثقافي العروبي وما رسمه من فصول مأساة جديدة ومنزلق خطير





وصل له التفكير والنقاش والإستيعاب العربي لفهوم الديموقراطية ..


_ أخيراً أقول .. إتفق مع الأخر .... إختلف معه .. هذا من شِيَم الإنسان المتحضر .. ولكن لتكن آداة التعبير لك وللآخر هي الفكر المنطقي المهذب والنظيف ..


لا بمجرد أن تختلف مع شخص في رأى أو فكر أو سياسة تسلك درباً من هذه الدروب ...


- إما العنترية الكلامية أو الشتائم والأحذية أو العنف والسلاح ... !!


- وإما نلجأ إلى التجاهل ونغمى أعيننا عن كل ما لا يرضينا .. !


فهل يوجد حق يدافع عنه بالشتائم والأحذية .. ؟!!



شيرين شوقى


15/12/2008



( مقالة نشرت على الصفحة الرئيسية لموقع حقوق الأقباط )


- فى 15/12 /2008 -


( ونشرت على الصفحة الرئيسية لموقع منظمة أقباط الولايات المتحدة )


- فى 16/12/2008 –

هناك 3 تعليقات:

غير معرف يقول...

مع احترامي لك ولما تمثلين
لكن من حقي ان اعلق واقول بكل ادب واحترام ارجوك ان لا تستعملي لغتنا العربية في تعاملاتك وحياتك وكتاباتك فانت لست عربية وعلى ما اعتقد انت قبطيه ولك كل الاحترام لشخصك وللأقباط
ودعي العرب الذين انت لست منهم في تخلفهم
مع التحية والاحترام
عربي

غير معرف يقول...

اعتذر عن اللبس الذي حصل في الجنس حيث خاطبتك كأنثى اعتذر بشدة وعلمت انك ذكر بعد ان ارسلت تعليقي الأول
اعتذر مرة ثانيه عن هذا الخطأ غير المقصود
ولكن موضوع التعليق الأول يبقى ساري المفعول
مع التحية
عربي

المحامى / شيرين شوقى يقول...

اخى العربي أشكرك على تفاعلك وإهتمامك ...
وأود أن أقول لك ..
لقد أجبر أجدادى على التخدث بالعربية
وتم قطع لسان مصر القبطي بقوة السيف الإستعماري العربي ..
وأنا أجبرت على ذلك لأنى بلادى دمرها الإستعمار ..
لكن دعنى اقل لك يا سيدى أولاً أنا لا أحقر من شأن أحد نحن جزء من محيط ثقافى عربي وأنا شخصياً أحب العربية ..
ولكن هل إذا تحدث البريطاني والأميركي و الجنوب أفريقي والأسترالي اللغة الإنجليزية .. صاروا كلهم بريطانيين ..!
فهل لأننا أجبرنا بقوة الإستعمار على التحدث بالعربية فلذلك نحن عرب ؟!!!
تعال للخليج ولسوف ترى كافة الأجانب ممن ولدوا بالدول هناك وتعلموا بمدارسها يتقنون العربية أكثر من أهليها .. فهل صاروا عرباً ..
وأخيراً أنا سعيد بك وبمشاركتك ..