الأربعاء، 12 نوفمبر 2008

لا أعدك بالنسيان


تطلبين مني أن أكتـفي

كلا لم تجيبـين بـعد

عن حـفنة من العـلامات

لقد تسرب عشقكي فى خلايا جسدى

فصرتي القلب والنبض والإحساس

فإغتنيت عن الوجود

توحدنا رغم المسـافات

أنتي شقيقة الروح

أميرة عشقى

رغم جفاف الإنسان

فى زمن الألة والحسابات

وأوجاع الناس


****


رأتك عيناي ولم أفتحها لحظة

وإلى الأن لم تَريني

أحببت الحياة لأول مرة

حاربت الموت لأجلك

ألف مـرة

خوفاً من فراقـك

لم أخشى الموت يوماً

ولو بُرهة

إلا معـكِ ..
فقد أصبح لدى ما أخشي عليه

أصبح للحياة معــنى

فأنتي دُرتي العظـمى

وأغلى جوهـرة

واليوم تقذفين إلي بصيحتك

تُعلنين أنكي من قلبي حُـرة !


****


صَحبتكي فى رحلاتي عبر الكون

ولـم أرتـوى

من الحديث إليـكِ

نًهلتُ من نَهـركِ

ولـم أرتـــوي

فهل أصبح للعطـش معنىً آخر

أم أنتي بـِئر لا ينتـهي

إلى أعماق الحياة ينـُبع

ومياه سلسبيل لى وحدى

ورحيقـها بين شفتـيكِ

وأنـا نَـَهم لا يشــبع


****


فكيف لا ألتهمك

من الليل إلى الأسحار

بل أطلب المـزيد

فعبأتك فى كأس شفاف

ورسمتك على أجنحة العصافير

وجعلتك أوعيـة للصفـصاف

ونقش على الفخار المطـلي

وجلستى فوق البيانو العازف

وصوت العندليب المضـياف

ولـم أكتــفي ...

فكـوّنت مـن أحاديثـكِ مكتـبي

ومن عيونك كل الطحالب والمحار

وأحواض الزينة المزدانة بالأنوار

ولونـت بكِ صحائفي والوسَادة

الجـو والهواء وفسـاتين الأطياف

وصـفو الميـاه البـحرية

وجعلتـكِ المقبـَض والمـخدع والأبـواب

وكنتِ رفيقتي فى البرد والحر

فى الماء والنار

فلما تتنــكري ؟!


****


أنا لا أقطن الأرض بل أسكـن فيكِ

وبصدركِ أتلاشى رويداً رويداً حتى أذوب

أسـافر وأختفى
فقضبـان ولَـعي
تمتد فى كل الـدروب

انتي زيتوني وأوراقي الخضراء العشبية
جعلتك تحت جلـدي تنامين
تعبثين كل ليلة بشجـوني باوراقى السرية دون حوامـة
تُبحرين إلى أعمـاقي ..
تراسلين كالحمامة .. صناديقي البريدية
تتسللين كهمس الجواري بالبيوت الأندلسية
عند صَـدح الطقـاطيـق الشرقية
بنغـم الحنين وفنـون المقامـات
ومَــروى الجــدوب


****

عندما رسـم الـغروب
لوحته الفريدة المليئة بالجراح
أخبرتك أنك لى زهر الأزهار وطير الأطيار
قلمي ودفتري .. وأنغام العود
شجن الناي .. وأوجاع الكمان
فرحــتي الــطروب
وأرسلت لكِ ألف قصيدة حب ومئات الطرود

****


الحياة أنتي فهل أكف عن الحـياة ؟!
إلا أنكِ رفضـتي رحلاتى المجنونة
وأغلـقـتى شراشــف الحنـانِ
أعلنـتى العقــل فى مـواجهـتي
وألقــيتِ عـنكِ شـالي الأسبانى الثـــائر الأحمـر

وكل بطاقـاتي المــلونة

التى أهديتهـا قبلاً إلـيكِ

فألــواني باتـت تزعـجك

وعقـارب الساعة لا تسعفك

ضيق الوقت عُذركِ الخجول

أعلنــتي أنـكي متــعبة

ترفضين قصورى ومغامراتي

وريـاض الخيــول

وأحاديـث الليــالي

تريــدين الفلــول

تاركة نَجـمي فى المنـحنى للأفُــول ..

مشغولة أنتي مجـهدة

فلا وقت لديكِ لجنوني ومشاغبات حبي

فأنـتي فى رغَـد العــيش تنعــمين

وبـبراعة المـوهبة

ابرقتـى على عَجـل

بأنكى لستي فتــاتي

وارجعتى كل همسي وتعبيري ولفتاتي

كل لمـحة وشــوق وكـــل القُبـــل

وفوقهـا إعتــذار وردي ودليــل العنـوان

ولفافة معقودة الأزرار عليها إستقـالتك من العشق

وتركـتيني وحـيدا ًمع الأحـزان

كعـادتي مع النسـاء
عند بدء الرحـلة .. أو عند الإنتهـاء

فأنا والأحزان ..

من قدامى الأصـدقـاء ...


****


إلا أنى لن أتـوقــف

فرحـلاتي المجـنونة

بلا محطـات ... بلا جــدران

فأنا من سابق العصر والزمـان

غريب فى طورى .. فى عشقى

هواي بلا تلافيـف ولا أغطـية

بلا أصبـاغ عـلى الوجـــوه

أفتح قلبي لنور الحرية دون مـواربه

فالحـب طعـامي ومـائي وهــوائي

معيشـتي اليومـية

هــواي عُشــاً للأطيــارِ

لم تتخلصى من غرائز الأرنب

وحَــذر الثعــــلب

ومحـاورات الأوكــارِ

فهـل أديـتي المَهـمة

وإستـنزفتي أحبـارك على قـــلبي

ووصلتي على جسري للنجوم والتباهي

وفرغتي من مُتع التَسـرى والمـلاهي ..؟!


****


إلا أنى لا أعــدُكِ بالنسيــان

فـأنا أحبــك ..

وحـبى كمـقدسـات الأديـان

لا أنقضــها ومعـابـدهـا

أبنيـهــــا للخــــلود

أعلمُ أن فــؤادكِ عـنى إنــزوى

ومـوج عنـادكِ تفـاخر وإنقــلب

إرحــلي إن شئتي فأنتي طليــقة

أنا لا أحتجز فى قفـصي الصـدري

سـوى هواء الحـب ونقاء الحقيقة

وبساطة الإنسان من بـدء الخليـقة

ولكــن فى رحــلاتى القــادمة

أستمحـيكي عُـذراً

فسـأعود ...

أصحبك كذكـرى وشعـلة ولهــب ..



شـيرين شـوقى

ليست هناك تعليقات: